على هامش اليوم العالمي للموئل: دور المجتمع الدولي في دعم قدرة المدن على الصمود والتعافي | د. لبنى عبد العزيز مصطفى

في معرض إعلانها عن موضوع الاحتفال باليوم العالمي للموئل سطرت منظمة الأمم المتحدة للموئل UN Habitatهذه السطور:
“أعزائي المواطنون حول العالم،
بينما نجتمع اليوم للاحتفال بيوم الموئل العالمي، الذي أعدته الأمم المتحدة بهدف التفكير في حالة المستوطنات
البشرية، دعونا نتذكر أن المدن ليست مجرد مجموعات من المباني والطرق
تُعد المدن أنظمة بيئية نابضة بالحياة وممتلئة بإمكانات الإنسان والابتكار. إنها مستقبلنا.
كما أثبتت المدن قدرتها على الصمود مرارًا وتكرارًا في أوقاتنا الصعبة التي تتسم بالنزاعات والصعوبات الاقتصادية
والكوارث المناخية، فإن المدن تبعث الأمل، حيث تتحد المجتمعات وتزدهر الأفكار وتتحقق الأحلام.
ويعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية مع المدن والمجتمعات بهدف إطلاق إمكاناتها وتمكينها لخلق
مستقبل حضري أفضل – يتضمن فرص العمل والمساحات الخضراء واحترام الاختلاف”.

لعله من المفيد بداية إلقاء الضوء على معنى (الموئل) Habitat وهو الإسم الذي اختارته الأمم المتحدة لمنظمتها:
مَوئِل: هو الملجأ والمستقر: ويُعرف الموئل على أنه ما يؤول إليه الشيء، أي ما يعود إليه الشيء أو يلتجأ إليه أو يحتمي به، كما تأتي كلمة مَوْئِلٌ في القواميس العربية بمعنى المكان الآمن ومستقر السيل. وقد ذُكرت هذا المعاني في المعجم الوسيط ومعجم المعاني الجامع وغيرها من المعاجم العربية.

ويحتفل العالم اليوم 31 أكتوبر باليوم العالمي للمدن ومع ما حمله لنا شهر أكتوبر من مأساة إنسانية لسكان قطاع غزة في فلسطين المحتلة وتسوية كاملة لأحيائهم بالأرض فربما يكون الوقت قد حان لإعادة النظر في دور المدينة في حياة البشر في ظل وظيفتها ك (موئل)؛ فهي حاوية مادية لبيوتهم ومبانيهم وأنشطتهم، وهي ايضا وبذات الأهمية حاوية لا مادية لأحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم. ويشمل هذا ساكنيها وزائريها بدرجات مختلفة من العلاقات التي يمكن تصنيفها تحت الارتباط بالمكان attachment Place والإحساس بالانتماء of sense belonging وبالأمان of safety sense ومن ثم فانت حين تسلب إنسانا شارعه ومنطقته ومدينته فانت لا تدمر كيانا ماديا فقط يسهل استبداله وتعويضه وربما بما هو أفضل وأحدث منه، ولكنك أيضا تسلبه ذكرياته وأحلامه وتطلعاته في هذا المكان وهذه لا يمكن بأي حال استبدالها أو تعويضها وذلك لأنها تشكل عنصرا أساسيا من التكوين الشخصي للبشر ودعامة مهمة لسلامهم النفسي.

لقد حان الوقت عندما نروي القصص الحقيقية عن المدن أن نسمعها من سكانها عامة ومن الجماعات الأشد احتياجا والأكثر معاناة خاصة، ومن المدن الأسوأ حالاً كما في المدن المبهجة. فهذه برأيي الوسيلة الأنجح لتحقيق (مستقبل حضري أفضل) للجميع دون أن نترك أحدا خلفنا leave no one behind

أن نتمتع بشجاعة الإدراك الكامل أن الاقتصادات الحضرية المرنة لا ينبغي أبدا أن تُعنى فقط بتمويل النمو ودعم التنافسية، بل يجب أن يتعلق الأمر أيضًا برعاية الإنسان نفسيا وماديا، فالأمن النفسي هو محفز وحاضن طبيعي للابتكار لتحقيق احتياجات الإنسان. وكذلك توجيه العناية الحثيثة لخلق مجتمعات شاملة وعادلة للبشر حيثما كانوا وحماية حقوقهم جميعا على قدم المساواة.

لعل المأساة الإنسانية الحالية تدفعنا لنستمد الطاقة والتحفيز لنعمل بعدالة ومساواة على مستوى العالم ككل وليس فقط المدن منفردة لدعم التنمية المستدامة للمدن والمستقرات حتى لا نفاجأ بعالمين متناقضين: مدن نناقش فيها جودة الحياة وحيوية الفراغات العامة والحق في المدينة، ومدن أخرى نناقش عنها الحق في الحياة ذاتها، بعد أن زالت المدينة ودُمرت مبانيها وإرثها وفراغاتها.
حان الوقت لنتعاون في تضامن حقيقي لبناء موائل أكثر أمنا وإنسانية وبهجة للجميع.

الموئل #الحقفيالمدينة #مدنإنسانية #worldcitiesday #صناعةالمكان #غزة #فلسطين

Leave a Reply

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.